السبت، 9 أبريل 2011

ضجيج الصمت !!!

بينما كنت أقود سيارتي لفت انتباهي ذلك الرجل الواقف إلى جوار الطريق في هدوء هو وأطفاله الأربعة
لا هو يؤشر للركوب ولا يحاول عبور الطريق
أثار فضولي وتوقفت إلى جواره سائلاً :
- كيف يمكنني أن أساعدك ؟
كررت عليه السؤال مرتين ولم يجب وبعد أن نبهه أحد أطفاله لوجودي قال : ماذا تقول ؟
فأعدت عليه السؤال للمرة الثالثة فقال :
- هل لك أن توصلني معك أنا وأطفالي ؟
- إلى أين يا عم ؟
- إلى حيث تريد وعندما نصل سأخبرك
ارتسمت على رأسي علامة تعجب كبيرة ولكني حاولت عدم لفت انتباهه لذلك وقلت له : تفضل مرحبا بك وأبناءك
 ولكن ما إن صعد الرجل بصحبة أطفاله
إلا وسرعان ما بدأ ضجيج الأطفال وصراخهم وهرجهم يكدر عليّ تركيزي ويشتت انتباهي للطريق
والرجل جالس في المقعد الأمامي وقد أغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله ..
كان الأطفال يتبادلون الصياح ويتقاذفون بالأشياء ,,,
ورغم ذلك استمر الرجل في جلسته
دون أن يحرك ساكناً .....!!؟؟
لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من الهدوء ..
والسماح لأبنائه فعل هذا دون أن يفعل شيئاً ....!؟
وبعد أن نفذ صبري ..
قلت له بصوتٍ عالٍ : يا عم إن أطفالك يسببون لي الإزعاج
وإني أستغرب هدوءك فأنت لم تحاول أن تسكتهم أو حتى تهدئ من صراخهم  ....!!؟
إنهم عديمي الإحساس ..


فتح الرجل عينيه ....

كما لو كان يعي الموقف للمرة الأولى وقال بلطف :
.. نعم إنك على حق ...
يبدو أنه يتعين علي أن أفعل شيئاً إزاء هذا الأمر .. لقد قدمنا من المستشفى .....
حيث لفظت  والدتهم أنفاسها الأخيرة قبل قليل .. إنني عاجز عن التفكير ...
وأظن أنهم لا يدرون كيف  يواجهون الموقف أيضاً ..!!
 شعرت وكأنني فقدت بصري
لم أعد أرى سوى سواد أمامي
كفنت نفسي بصبري ودموعي
لا أملك إلاَّ أن أطبق شفتيَّ صمتاً
فأي كلام لن يجدي

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

كيف تجعل كل من يعرفك يحبك ؟؟

كيف تجعل كل من يعرفك يحبك ؟؟

من هو الشخص اللطيف المحبوب الذي لا تحلو الحياة إلا به ؟ أين هو الشخص الممتاز المميز الذي نشدته كل الديانات والفلسفات ؟
ما الخلطة السحرية السرية التي تجعلنا متلهفين للقاء إنسان ما ؟
لقد عاش رجل عظيم بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى منذ 1432 سنة في بادية العرب ،
كان يتيما حنونا صبورا كريما لطيفا قريبا أنيسا شجاعا وفيا خلوقا ، أحبه كل من عرفه ، بل كل من سمع عنه ... إذا ما السر ؟
ما هي خارطة الطريق كي تصبح أنت أخي القارئ محبوبا من قبل الجميع ... كن محمديا ...
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ماهرا بتحويل الأعداء إلى أصدقاء ...
و كان أعتى العتاة يقولون : كنا نبارزه و عيوننا في الأرض لأننا إذا نظرنا في وجهه الجميل البسام المشرق فإننا سوف نسلم مباشرة .
إذا الموضوع موضوع مكارم أخلاق ثم مكارم أقوال ثم مكارم أفعال ثم مكارم أحوال ...
وهكذا تصبح مرغوبا مطلوبا محبوبا معشوقا من قبل الوجود كله ،
لأن الإنسان الأبيض تحبه حتى الجوامد غير العواقل بل حتى الحيوانات ، الإنسان الإنسان تحبه مركبته ومنضدته و أنفاسه وثيابه وكرسيه فضلا عن زوجته وأهله وجيرانه...
الإنسان المحبوب يفرح المطر بنزوله على رأسه و تبتهج الزهرة برائحته الزكية ،
وتشرق الشمس لأجله شخصيا ،
في صحيح مسلم : ( إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث ) صلى الله وسلم على المحبوب الأول الذي علمنا كيف نجعل كل من يعرفنا يحبنا ، بل علمنا الحب.
بكل بساطة ومباشرية ووضوح ، أقلل من الكلام ، و أكثر من الحنان ، تجعل كل من يعرفك
يحبك ، امسح دموع المتحسرين ، بارك نجاحات الناجحين ، ضخ معاني التفاؤل و النشاط والهمة العالية في كل من حولك ،
اذكر محاسن إخوانك - و كل البشر إخوانك - حرض
الآخرين على فعل الخير بفعلك للخير لا بكلامك عن الخير ،
اذهب الآن مباشرة لعيادة مريض قل له إن الشافي سبحانه يسمعه و يراه و سوف يشفيه بفضله و منه وجوده ، تحرك فورا لتنظيف بيتك - وكل المعمورة بيتك - ، نظف الشوراع والقلوب والأفهام والنوايا من سوى ما يرضي الله ،
في العمل اكتب تقريرا للمدير ترصد فيه إيجابيات زملائك ، في الطريق امنح غيرك فرصة العبور ،
في المكتبة ابحث عما يعزز روابط التعاطف بين الناس ثم وزعه عليهم ،
في الجامعة احترم رأي أستاذك و احفظ فضله عليك ما حييت ، في المسجد تذلل للملك سبحانه حتى يرفعك ،
في المقبرة اتعظ و أسرع فورا إلى تعبئة رصيدك من الحسنات فالعمر قصير ،
في البيت تعلم العاطفة من زوجتك وعلمها العقل ، أعطها من جيبك و جيب قلبك تعطك كل جيبها و كل قلبها ،
في المجتمع أحسن الظن بالناس بحذر يحبوك ، اقبل معايبهم
يقبلوا معايبك ، ضخم فضائلهم يضخموا فضائلك ..
ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي
تجاوز عن سيئات الآخرين عسى أن يتجاوزوا عن سيئاتك ، وعسى أن يغفر الغفار الغافر الغفور سبحانه للجميع ...
تذكر معي قول الإمام علي كرم الله وجهه :( من عذب لسانه كثر إخوانه )
ولا تكتفي بالتذكر فقط ، بل قرر أن لا تتكلم إلا بالكلمات التي كان المحبوب الأول يتكلمها ، صلى الله عليه وسلم ،
تأكد أن الناس كلهم سوف يتخلون عنك يوم القيامة ، إلا النبي العربي الخلوق الصادق الأمين الزكي الرؤوف الرحيم ، لذلك تخلَ أنت الآن قلبيا عن كل ما سواه و اجعل علاقتك بالأخلاق علاقة المصعد الذي سوف يرفعك إلى الفردوس الأعلى إن شاء الله
( أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا )
فإذا تكلمت بالكلمات المحمدية الطيبة الفواحة المؤنسة سوف يحبك كل من يعرفك ،
لأنك تركت في قلوبهم نفحات فل و ياسمين ،
سيذكرونها كلما رأوك بل كلما خطرت في بالهم.
أحب كل من تعرف ... كل من يعرفك يحبك...