السبت، 28 سبتمبر 2013

طريقة نوم الإنسان تفصح عن سماته الشخصية



المصدر مترجم : 
يسعى الكثير من الناس إلى التعرف على تفاصيل سماتهم الشخصية، كما أنهم يحاولون دائماً التعرف على السمات الشخصية التي يتمتع بها أناس يثيرون اهتمامهم.
ومن المعروف أنَّ لكل منا سماته الشخصية التي تميّزه عن الآخرين.
ولكن هل تساءلت قبلا عما إذا كانت هناك علاقة بين الطريقة التي تنام بها وسماتك الشخصية؟
كشفت دراسة علمية مؤخراً أنَّ هناك علاقة وثيقة تربط بين النوم والسمات الشخصية التي يتمتع بها الفرد؛ إذ إنَّ لكل شخصية طريقة نوم معينة ترتبط بها.
وفي حال أردت التعرف على شخصية أحد الأشخاص الذين يهمك أمرهم، فإنَّ عليك التعرف على الطريقة التي ينام فيها.
ويعتقدُ العلماء أنَّ الوضعية التي يستلقي فيها المرء لينام، يمكن أن توفر إشارات واضحة ومهمة عن صفات المرء وسماته الشخصية.
وأكد الدكتور كريس أدزيكاوسكي البروفسور المتخصص بتقويم النوم وفوائده وتأثيره على البشر، والذي أجرى هذه الدراسة، أنَّ طريقة الإنسان في النوم يمكن أن تدلّ على شخصيته.
وأضاف: "هناك ستة أنواع من طرق النوم ووضعية استلقاء الشخص، والتي كشفتها لنا الدراسات التي قمنا بها، وكلّ نوع من هذه الأنواع يمكن أن يشير إلى شخصية معينة".
كما أشار الدكتور كريس إلى أنَّ لكل فرد منا لغة جسد معينة تعبر عنا.
وتعتبر هذه الدراسة، التي أجراها الدكتور كريس، أول دراسة تكشف أنَّ وضعية الإنسان في حالة اللاوعي يمكن أن تكشف الكثير عنه.
وبحسب ما قاله الدكتور كريس فإنَّ "الأمر الممتع في هذا الموضوع، هو أنَّ اللمحة التي تقدمها وضعية النوم عن الشخص، تكون في معظم الأحيان ملائمة تماماً لسماته الشخصية".
وعملت البحوث على إثبات صحة النتائج في هذه النظرية.

وقام الدكتور كريس أدزيكاوسكي بتحديد
ستة أنواع لطرق النوم، والتي تعكس سمات الإنسان، وهي على الشكل التالي:


شكل الجنين

تشبه طريقة نوم الشخص هنا شكل "الجنين"، أي أنه يستلقي على جنبه ويلتف كالجنين.
وقال الدكتور كريس: "إنَّ الفرد الذي ينام بهذه الطريقة، يعتبر شخصاً صلباً وعنيداً من الخارج، وهو حساس للغاية من الداخل".
ويمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص الذين ينامون بهذه الطريقة، خجولين عندما يتعرفون على أشخاص جدد، ولكن خجلهم سرعان ما يختفي.
وبيَّنت الإحصاءات أنَّ طريقة النوم هذه هي الأكثر شيوعاً بين الناس، ويتبناها نحو 41 في المئة من بين ألف شخص تمَّت دراستهم.
إلى ذلك تبيَّن أنَّ النساء تتبنى هذه الطريقة أكثر من الرجال بنسبة الضعف.

شكل زند الخشب أو جذع شجرة

وينام الشخص بحسب هذه الطريقة على جنبه، ممدداً كلتا يديه على طول جنبه.
وقد وصف الدكتور كريس الأشخاص الذين ينامون بهذه الطريقة بأنهم أشخاص هادئون واجتماعيون يفضلون أن يكونوا ضمن مجموعات من البشر.
إلى ذلك فإنهم يمكن أن يثقوا بالغرباء أكثر من غيرهم، كما يمكن أن يكونوا سذج في بعض الأحيان.
وبيَّنت الإحصاءات أن 15 في المئة من الناس الذين تمَّت دراستهم يتبعون هذه الطريقة في النوم.

شكل الشخص المطوق

ينام الشخص ضمن هذه الطريقة على جنبه ممداً يديه إلى الأمام وكأنه يطوق شيئاً.
وقالت الدراسة إنَّ الشخص الذي يتبع هذه الطريقة في نومه، شخصٌ ذو طبيعة منفتحة، ولكنه يمكن أن يكون أيضاً شخصاً مشككاً.
كما أنه يمكن أن يميل إلى السخرية في بعض الأحيان.
إلى ذلك قد يجد الشخص الذي ينام بهذه الطريقة صعوبة بالغة في اتخاذ القرار، ولكنه عندما يتخذ قراره فإنه من الصعب جداً أن يحيد عنه.

شكل الجندي


يستلقي الشخص الذي ينام بهذه الطريقة على ظهره وتكون يداه موازية للجسم.
وتعرف شخصية هذا الشخص بالتحفظ، وعادة ما يكون شخصاً هادئاً.
وبحسب ما قاله الدكتور كريس، فإنَّ هذا الشخص يكره المشاجرة مع الآخرين كما أنه طموح.
وبيَّنت الإحصاءات أنَّ 8 في المئة من الناس الذين تمَّت دراستهم يتبعون هذه الطريقة في النوم.

شكل السقوط الحر
هنا يستلقي الشخصُ على بطنه ويضع يديه حول المخدة، والرأس يكون موجهاً إما للجهة اليمنى أو اليسرى.
ويكون الشخص الذي ينام بهذه الطريقة إجمالا متهوراً، كما يمكن أن يكون وقحاً أحياناً.
إلى ذلك يكره هذا الشخص أن يتمَّ انتقاده فهو لا يتقبل النقد بسهولة.

شكل النجمة

تتبنى طريقة النوم هذه قلةٌ من الناس، وفقاً لما بيَّنت الدراسة، إذ إنَّ خمسة في المئة فقط من بين الناس الذين تمَّت دراستهم ينامون على شكل نجمة.
ويستلقي الشخص الذي ينام بهذه الطريقة على ظهره ويمد يديه وساقيه على عرض السرير.
وفيما يتعلق بالسمات الشخصية لهؤلاء، فإنهم يميلون إلى تكوين الأصدقاء بسهولة.
كما أنهم يكونون أصدقاء جيدين؛ إذ إنهم يعتبرون مستمعين جيدين، ويكونون جاهزين لتقديم المساعدة.
إلى ذلك فإنَّ هؤلاء الأشخاص لا يفضلون أن يكونوا مركزاً للاهتمام.

تأثيرات صحية
هذا وقد ربط الدكتور كريس أدزيكاوسكي بين طريقة النوم والحالة الصحية لدى الإنسان.
ووفقاً له، فإنَّ لوضعية النوم تأثيراً كبيراً على صحة الإنسان.
وأشار إلى أنَّ طريقة النوم على البطن يمكن أن تكون مساعدة لعملية الهضم.
فيما أنَّ كلا من طريقة النوم كالنجمة (أيّ بمد اليدين والساقين على عرض السرير) وطريقة نوم "الجندي" -كما أسماها الدكتور- أي طريقة النوم على الظهر ووضع الأيدي بشكل مواز للجسم، يمكن أن تؤديا بالشخص إلى أن يشخر أثناء نومه، بالإضافة إلى أنَّ هاتين الطريقتين لا تضمنان للفرد نوماً هنيئاً.
وأوضح الدكتور كريس، قائلا: "الاستلقاء على البطن لا يمكن أن يعيد محتويات المعدة إلى المريء، أما الأشخاص الذين يستلقون على ظهرهم فإنهم يشخرون بكثرة ويصعب عليهم التنفس خلال الليل".
وقال: "إنَّ هاتين الطريقتين يمكن ألا تجعلا المرء يستيقظ خلال الليل، ولكنهما لا توفران أبداً النوم الهانئ".
وبيَّنت الإحصاءات أنَّ معظم الناس يجدون صعوبة في تغيير طريقة نومهم، إذ إنَّ خمسة في المئة فقط من الناس الذين تمَّ إحصاؤهم كانوا قادرين على أن يغيروا طريقة نومهن كل ليلة.

اللحاف أو غطاء السرير


بيَّنت الإحصاءات التي أجراها الدكتور كريس أنَّ معظم الأشخاص ينامون وهم ملتحفين الغطاء كلياً، تاركين إحدى أيديهم خارج الغطاء.
كما تبيَّن أنَّ شخصاً واحداً من بين عشرة أشخاص يغطون كامل جسمهم أثناء النوم، سواءً كان ذلك في فصل الصيف أم الشتاء.



نوماً هنيئاً للجميع

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

فهم النفسيات وتحليل الشخصيات .. لـ سلطان العثيم

أيوب رجل محبوب ومُقنع وناجح , يدير شركته الخاصة ذات 25 موظف بكل احترافية وجودة , أجواء العمل صحية وتدعو للحماس والإنتاج , بدأ نجمه يعلو ويظهر, وأصبحت وسائل الإعلام تهتم بتجربته العصامية ومساره التصاعدي الجميل حيث بدأ صغيراً وهاهو يكُبر .

بدأ أيوب كتابة يومياته وأفكاره فمثله لابد أن يدون التاريخ ويرصد التحولات ويفرح بهذا الارتقاء والتألق في حياته .

كانت يومياته تحوم حول الإنسان الذي هو محور العالم وهو بكل تأكيد , و روح كل عمل أو منتج أو مبادرة ,  في ذات السياق ركز أيوب في يومياته الجميلة على فهم الإنسان ومن ثم التعامل معه وإدارته بالطريقة الأفضل حيث يحقق الجميع النجاح والسعادة , والكل هنا منتصر .

تجربة أيوب ثرية كونه تحول إلى نقطة جذب مهمة للكثير من الناس واستطاع أن يكسب رضا العملاء والموظفين بالإضافة محبة وتجاوب العائلة والأصدقاء في ذات الوقت , وهي معادلة مهمة وتستحق التأمل  .

كان أيوب ذو شغف بقضية فهم النفسيات وتحليل الشخصيات ثم العمل من خلال النتائج
وهذا جعل عالم العلاقات والأعمال والأسرة الخاص به أكثر متانة وعمقاً , كما أنه جعله قريب من أهدافه وبعيد عن الكثير من الصراعات والصدامات التي يقع فيها الناس من حوله فهو قادر على إدارة العلاقات بشكل ذكي وقيادة الحوار بشكل احترفي مهما كانت الشخصية المقابلة مستفزة أو غريبة بالإضافة إلى انه من خلال هذه المعرفة استطاع أن يقسّم الأدوار ويعطي كل شخص ما يناسب إمكانياته وشخصيته ناهيك عن معرفة مع من يعمق العلاقة ومع من يجعلها سطحية , ومن يتبسط معه ومن يعامله بشكل  رسمي .

هذا الأدراك الهام جعل أيوب يختار أفضل الموارد البشرية لأعماله كما انه أصبح يعرف مفاتيح الكثير ممن حوله وكيف يكون قادر على إقناعهم والتواصل معهم بشكل ايجابي وفعال.

والمكسب العظيم هو إدارة المنافسين والشخصيات السلبية التي تحيط فيه أو في محيطه العام وكيفية تجاوز كل هذه الشخصيات السلبية أو المشاغبة التي تخلق المشاكل أو المفاجأة .

ومن خلال تجربة أيوب ننطلق لتأمل واقعنا كم يكون جميلاً عندما نفهم شخصيات من حولنا ونتعامل على أساس هذه الفهم في عالمنا الواسع فلكل شخصية نقاط قوة ومواطن ضعف , وهنا
علينا أن نعزز مواطن القوة ولا نستغل مواطن الضعف بل نحاول تطوير من حولنا ليصلوا إلى مراحل متقدمة من البناء الشخصي الايجابي وإدارة الذات بشكل حكيم ومتزن و الذي يخدمهم في حياتهم ويميزهم عن غيرهم .

فعندما نفهم المزاجي فإننا نبتعد عنه في لحظات تردي مزاجه , وعندما نستوعب الحساس فإننا نبتعد عن نقاط التحسس لديه وندعم ثقته في نفسه , وحين نستوعب الانفعالي فإننا نعرف أنه طيب القلب إذا هدئ  وحينما نقابل الشكاك فإننا نعزز مواطن الثقة المتبادلة ولا ندخل في المناطق الشائكة لديه بل نعامله بحذر .

وإذا قابلنا الاعتمادي أو التجنبي فإننا نعرف أنه لا يصُلح للأعمال القيادية لأنه سوف يعطل العمل , وحين نتعامل مع الفصامي فإننا نستوعب أنه صاحب قلب طيب ولكنة بارد في العمل و المشاعر والأحاسيس ويظهر عليه الجمود في ردود الأفعال أكثر وهنا لا نظلمه , وفي حال قابلنا الاستعراضي أو الهستيري فهو الشخص المناسب للرحلات والسفر فهو ظريف جداً ولكنه ليس مناسب للعمل والإنتاج كثيراً .

وإذا صادف وان قابلت النرجسي فهو متعالي ومتكبر بطبعة ويحسُن التعامل معه بفخامة بالغة حتى يتفاعل معك , وإذا قدر الله اللقاء بالسكيوباتي أو السادي فهما من الشخصيات التي لا يعمق الإنسان العلاقة معها ويحذر منها فالأول لديه ميل للإجرام والثاني لديه كُره واحتقار كبير للآخرين , هذا الفهم كذلك يجعلني لا أتأثر بالشخصية الاكتئابية التي تنظر لكل شيء من حولها يتوشح السواد , كذلك أتعلم كيف أكون حذر ودقيق جداً مع الشخصية السلبية العدوانية التي تهوى الغدر والخداع وكيف احتوي الشخصية الوسواسية التي تتسم بالدقة العميقة و الحرص الدائم معه مع قدر من القلق .

وغيرها من سمات الشخصية التي غالب الناس يملكون مزيج منها وفيها السلبيات والايجابيات وهنا ففهمنا يجعلنا في أوضاع اجتماعية وعملية ونفسية وأسرية أفضل , فعندما نفهم أنفسنا فإننا نكون اقدر على استثمار كل ما هو جميل ورائع لدينا وإدارة ومعالجة كل ما هو سلبي أو سيء في شخصياتنا , بالإضافة إلى فهم العالم من حولنا والقدرة على التحرك بسلام وانتظام .

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الوفود حريص على فهم وضع كل قبيلة وخصائصها وطبيعة زعيمها , قبل أن يصل وفدُها إليه وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتولى هذه المهمة فهو نساب وخبير بالناس والمجتمعات وهذا سهل كثيراً من التوافق ونجاح دخول الكثير من القبائل في الإسلام , فكان هناك تصور دقيق لنفسيات وشخصيات الأفراد والجماعات الذي مكن من نجاح التعامل معهم والتعاطي مع الاختلافات والخلفيات التي يحملونها .

فالقائد النموذجي هو الذي يستطيع أن يتعامل مع كل من حوله ويوظفهم بالشكل المناسب لشخصياتهم وإمكانياتهم ويحتوى كل الشرائح والأجناس بذكائه الاجتماعي وإدراكه النفسي وعمقه الإداري وتصوره الحكيم للواقع وطبائع البشر وتحولاتهم .

ومن هنا ففهم النفسيات وتحليل الشخصيات ليس علماً ترفياً بل ضرورة للجميع مهما كانت الأعمار أو المناصب أو الاهتمامات , فنحن نعيش في كوكب واحد ولا نستطيع أن نعيش بمعزل عن بعضنا البعض ولهذا فلكما فهمنا بعضنا استطعنا أن نكون في مناطق أكثر دفئً في العلاقات وجدوىً في النتائج والأعمال والمخرجات .

الجمعة، 10 مايو 2013

تعال يالبيه يا حلو النبا


تعال يالبيه يا حلو النبا

ياغيث وجدٍ للضلوع الناحلات

ياشاذى الجورى وياعنق الضبا

ياروح روحى ياسمو الشامخات

حبك وصل سيله إلى حد الزبا

فى وسط قلبى مالكٍ كل الجهات

لك فى فوادى ملك بلقيس بسبا

والوقت من دونك شتاتٍ فى شتات

قم ضمنى للوصل والبعد يهبا

بل العروق اللى لوصلك ضاميات

شلف الجروح أمست على قلبى دبا

وأنت الدوا لجروح شلفٍ ساطيات

قم عوض المجروح عن وقت الصبا

يأغلى طموحٍ فى طريق الامنيات

خذنى غريبٍ ماعرف وشهو يبا

طالب حنانك والليالى قاسيات

الوقت بأحزانه مكن في وسبا

فرحه عيونٍ لاجل شوفك ساهرات

أغليك لا والله حبك كالربا 

لكن زودك قدر دون محرمات

إن قلت عطنى قلت لعيونك جبا

الشعر بعيونك يصير مجوهرات



 " مما راق لي "

الخميس، 7 مارس 2013

طعنت قلبي بيدي !!

جمعنا القدر .. اقتحمت حياتها ..
عشقتها إلى حد الثمالة ..
ملكتني .. سيطرت على كل تفكيري
أنام على صوتها وأصحو على ضحكاتها
أحببت الحب الذي علمني كيف أحبها
تأكدتُ من حبها لي في أكثر من موقف
عشت معها قصة الحب الطاهر بعيداً عن زيف المشاعر
حفظت القصة بكل تفاصيلها حلوها وحلوها
وفي ليلة ظلماء سألتني : أتحبني ؟؟
أجبتها ارضاءً لها رغم يقيني بأنها تعرف الجواب ..
حينها صعقتني قائلة :
إذا كنت تحبني فابتعد عني !!
كنت أسمع تلك العبارة في الأفلام ولا أعيرها أي اهتمام
حاولت استيعاب ما سمعت ولكن عقلي توقف عن التفكير
بادر قلبي بالقبول ، فمن يحب لايرفض طلب محبوبه حتى لو على حساب نفسه
بعد أن انتهى حوارنا عرفت أنني
طعنت قلبي بيدي !!!

بدونك أنا من أكون .. !!

يا لسحر تلك العيون
عشقتها .. وعشقتها..
كم أنا في جمالها مفتون
إلى حد الثمالة .. لا بل تخطيت الجنون

عندما نكون سوياً تعتريني كبرياء الرجولة
أتحدث .. أتأمر .. أزمجر .. أغضب ولا أبدي أي نوع من الغرام
ولا ما يدل على ما يخفيه قلبي من الهيام

ولكن عندما تغيب عني
أغدو كطفلٍ يبحث عن حنان أمه
كأنني ذلك اليتيم الذي فقد والديه قبل أن يتعلم أولى خطواته

فهل سأتجرأ ذات مرة
لأسألك حبيبتي
بدونك ..
.. أنا من أكون ؟؟

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

مســائـل وطنيــة: وقفات بين يـدي الأمير محمــد بن نـايف


صاحب السـمو الملكي الأميــر محمد بن نــايف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد،
أضع بين يديكم بعض الوقفــات، التي أرى أنها قد ترتقي لخطة عمل، تساعد في تجاوز عقبات المرحلة القادمة.
إن إدارة أي (أزمة) بنجاح، يحتاج إلى وجود (رؤية) تعمل كالبوصلة في رسم المسار، وتحديد الوجهة والغاية. الرؤية هنا، هي ما يمكن إعتباره (المنتج النهائي) الذي نسعى لتحقيقه، على مستوى حياتنا الشخصية، أو حين نمارس عملا مؤسساتيا، من خلال خطط محددة، قابلة للمراجعة والتصويب، وباستخدام أساليب متنوعة.
يمكن اعتبار تحقيق (أمن مستدام) للوطن والمجتمع، دون اللجوء للوسائل التقليدية، وهي القوة الأمنية الضاربة.. هي الرؤية التي يجب أن تسعى الدولة لصياغتها وتحقيقها.
إضافة إلى ذلك، وجود الرؤية مهم في استشراف المستقبل، وصياغة وترشيد آليات العمل، من أجل تحقيق المهمة. أيضاً، هنـاك أمر آخر بنفس الأهمية، وهو وجود (فريق العمل)، الذي سيتولى التنفيذ، ويترجم الرؤية إلى عمل، فيكون مؤمنا بالرؤية، وحريصا على تحقيق الرسالة وإنجاز المهمة، وقادرا على التكيف مع تغير الوسائل في كل مرحلة، حسب تغير الظروف. إضافة إلى تمتعه بروح إبداعية.
من هنا.. ومن أجل ضمان نجاح خطة العمل،  نضع في اعتبارنا (3) مسائل مهمة:
1ـ الرؤية: وتعني صياغة سياسات، وإعداد دراسات تركز على تحقيق أمن مستدام، بغير الطرق التقليدية. هـذا لايعني بحال من الأحوال، استبعاد القوة الأمنية، لكن بالعمل أولاً على توظيف أكفأ، واستخدام أمثل..(للقوة الناعمة)، والحد من استخدام القوة الأمنية التقليدية، إلا في حال الضرورة. القوة الناعمة لها أوجه كثيرة، بعضها سياسي، وبعضها اجتماعي، وبعضها اقتصادي، ويمكن التفصيل عنها، بحسب كل قضية.
2ـ الرسالة والمهمة: وتعني تحقيق الأمن والإستقرار والتنمية وضمان الوحدة الوطنية، وتمثل غاية المنتج النهائي، لجميع السياسات والدراسات والخطط، التي تسعى لتحقيق ركائز أربع: أمن الوطن، واستقراره، وتنميته.. ووحدته.
3ـ فريق العمل: تكوين فريق عمل يؤمن بالرؤية الجديدة، وبتنفيذ المهمة، وفقا لهذه الرؤية. هذا يعني التخلص من رؤية (الحرس القديم) التقليدية، واختيار عناصر جديدة.. كفؤة وأمينة ومخلصة.
تقوم خطة العمل على تحديد عدد من المحاور، تمثل أهم المخاطر التي تواجه المملكة في السنوات الخمس المقبلة، داخليا وخارجيا. لا تتسع المســاحة هنا، لوضع حلول تفصيلية متكاملة لهذه المخاطر، لأن هذا سوف يكون دور فريق من المتخصصين، من مفكرين، وباحثين، ومن المهتمين بالدراسات الإستراتيجية والإستشرافية، ليبحثوا فيها..لكن تتم قيادتهم وتوجيههم، عبر (مركز متخصص) مرتبط بسمو وزير الداخلية مباشرة.
ترمي هذه (الورقات) لوضع تصور عام، على هيئةمحــاور، يصلح نقطة انطلاق لصياغة رؤية متكاملة للمشروع. التصدي لهذه المخاطر ومواجهتها، لن يكون من اختصاص جهة حكومية واحدة، لكن المركز المقترح، يمكن أن يقدم رؤيته تجاهها، وتوصياته للعمل بها.

المحور الأول: الإصلاح السياسي الداخلي
مع تنامي الوعي السياسي وتصاعد حركة الحقوق، وارتفاع وتيرة المطالبة بالمشاركة الشعبية بين الفئات الشبابية من المواطنين السعوديين، تبرز الحاجة الماسة لعمل استطلاعات حول آليات الإصلاح الداخلي، وفي مقدمتها (المأسسة) التدريجية لمؤسسات الدولة. النمو الطبيعي للمجتمع، بسبب تطور التعليم، وبرامج الإبتعاث، وزيادة التعرض لمصادر المعلومات، ووسائل الإعلام التقليدي والجديد.. إضافة إلى التحولات الضخمة في المنطقة، عقب ما سمي “الربيع العربي”.
هذه العوامل مجتمعة، تحتم تغييرا في أسلوب إدارة الدولة، والاهتمام بالشباب تحديدا.
وهناك حاجة ماسة لتفعيل مجلس الشورى، بتوسعته ليشمل طيفاً أوسع من المواطنين، وبزيادة صلاحياته، وبجعله منتخبا، وليس بالتعيين.
الإنتقال التدريجي نحو مؤسسات للدولة منتخبة، وبصلاحيات أوسع في صنع السياسات الداخلية والخارجية، سوف يسهم في فك الإحتقان والتوتر، ويعزز الوحدة الوطنية، ضد التهديدات الخارجية. كما يمكن من خلال هذه المؤسسات الوطنية، ضبط حرية التعبير وتوجيهها نحو ممارسة ديمقراطية، هدفها المصلحة الوطنية، وليس تأجيج العامة تجاه سياسات الدولة.
هذا التطور في مؤسسات الدولة، بتفعيل اللوائح والأنظمة المتعلقة بإجراءات التحقيق والإدعاء والتقاضي، يجب أن يوازيها تطوير لواقع الإعلام الرسمي، ليكون قناة تفاعل بين المواطن والمسؤول.

المحور الثاني: رصد بؤر التوتر والإحتقان الشعبي
* المعتقلون: هذا الملف، من أهم الملفات التي يجب غلقها..ومعالجة تداعياتها، وذلك بحسم موضوع المعتقلين، وإطلاق من لم يثبت في حقه شيء منهم، وهو أمر يجب أن تكون له أولوية. إضافة إلى أهمية إعادة تأهيل الشباب الذين مكثوا سنوات في المعتقل، ودمجهم في المجتمع، ورد اعتبارهم وتعويضهم. يمثل ملف المعتقلين، بؤرة إحتقان تحتاج معالجة عاجلة وسريعة، تتجاوز فيها الدولة (عقدة) أنها قد تبدو ضعيفة، إذا ما أغلقت الملف.
كما يجب أن تملك الدولة جرأة القرار، بأن تصلح أخطاء عقد من الممارسة الأمنية القاسية، وأن تسعى لتصحيح ذلك ببرامج إعادة تأهيل وتعويض شاملة للمتضررين، وأن تقوم بمراجعة عميقة لمجمل السياسات الأمنية.
* البطالة: أرقام البطالة بين الشباب تتزايد بنسب كبيرة، وتمثل قنبلة موقوته يمكن أن تنفجر عند أي أزمة شعبية. موضوع البطالة له جانبان:إقتصادي وأمني. لا بد للوزارة أن تنشيء خلية عمل مع الوزارات والمؤسسات المعنية والقطاع الخاص، لزيادة فرص العمل للشباب، ودعم قطاع الأعمال الصغيرة.
* الفقر: نسبة الفقر في واحد من أغنى بلاد العالم تتزايد بنسبة مخيفة. الفقر في المملكة ليس حالة فردية، بل تحول إلى ظاهرة تنذر بانفجار، ومسؤولية الوزارة أن تسعى لمعالجته عبر خطط ودراسات مع مؤسسات حكومية وخاصة، تترجم تلك الخطط والدراسات إلى برامج عمل، والإستفادة من تجارب الدول الأخرى. الفقر ليس مشكلة إنسانية فقط، بل أمنية تمتد آثارها إلى مفهوم الولاء والإنتماء للوطن.
* الإسكان: تبرز قضية الإسكان كواحدة من أكثر الأزمات إثارة للسخط الشعبي. لا يعقل أن الأرض السكنية في بلد بمساحة المملكة هي الأغلى في العالم، وأن ما يقرب من 80% من المواطنين البالغين، لايملكون سكنا خاصا.
وأزمة السكن، هي وجه من وجوه الفسـاد، والظلم الإجتماعي، والطبقية المقيتة، واستشراء الفقر، وتأخر الزواج.. وهو ما يعني أسراً غير مستقرة، وزيادة في الإنحراف والجريمة. إضافة لكونها القضية الأولى في تنامي الإحباط والسخط الشعبي.
* القطـاع الصحي: يعاني القطاع الصحي في المملكة ترديا مخيفا، لا تبدو أثاره فقط، في المواعيد التي تمتد في أحيان كثيرة، لأكثر من عام كامل، بل إلى تحول مستشفيات الدولة إلى (مزابل)، حسب الوصف العام. بل إن الخدمات الصحية، تكاد تكون محصورة في المدن فقط. لو أخذنا مدينة الرياض مثالا، فإنه لا يوجد مستشفيات، لها نفس المواصفات..من الرياض إلى الطائف غربا، وهي مسافة طويلة جدا.
بلغة الأرقام، يعني أن 15 مليون مواطن، لايحصلون على الحد الأدنى من الخدمات الصحية. مثل هذا الواقع له أثار خطيرة على الإستقرار الإجتماعي. ناهيك أن المواطنين في المناطق الحدودية الشمالية، يلجأون إلى الأردن لتلقي العلاج، وهو ما يهدد الولاء الوطني.
* الفساد المالي والإداري: وصلت مستويات الفساد في المملكة إلى درجة غير مسبوقة، وأصبح الحديث الشعبي عن حجم الفساد في مشاريع الدولة، وسرقة المال العام، مادة للتندر على الدولة، وإثارة الفقراء  والمعدمين عليها. مشاريع بمليارات الريالات في المملكة، بينما مثيلاتها في الدول المجاورة، بأقل من ربع التكلفة.
واقع مر ومحزن، جعل كثيرين يقارنون أنفسهم بمواطني دول الخليج المجاورة الذين يتمتعون برواتب عالية، ويعيشون رفاهية، ويشهدون فسادا أقل بكثير مما يرونه هنا، في وقت يرزح فيه المواطن تحت أعباء المعيشة والتضخم، مقابل قلة تتضخم ثرواتها من حالة الفساد هذه، على حساب غالبية الشعب. ناهيك عن كثير من المشاريع المتعثرة.

المحور الثالث: السيادة والوحدة الوطنية
* المسألة الشيعية. تتصاعد مشكلة الأقلية الشيعية، في ظل غياب سياسة واضحة لاستيعابهم، دون تقديم تنازلات تضر بالأمن الوطني، وبوحدة المملكة واستقرارها. هناك حاجة لوضع حلول لدمج الطائفة في النسيج الوطني، بتقريب العناصر الوطنية، وتحييد أصحاب الولاءات الخارجية، والعناصر الإنفصالية.
* نزعة الإنفصال. النظر بجدية لتنامي الخطاب الإنفصالي لدى بعض النخب. من المهم تتبع نمو الخطاب ودراسة الأسباب.. ووضع الحلول. من المهم أيضا، السعي لصياغة قانون (يجرم) أي خطاب يهدد الوحدة الوطنية..طائفياً أو مناطقياً. لتعزيز هذا القانون، وإكسابه زخما شعبيا، أرى أن  يعطى المواطن الحق في المقاضاة، لدى الجهات القضائية، أي شخص أو جهة تتبنى خطابا إنفصاليا.
* الأثار الخطيرة للإهمال التنموي على مدن الأطراف. تعاني مناطق الأطراف الحدودية للمملكة، خاصة في الجنوب والشمال، من إهمال تنموي واضح، وهو ما يضعف الإنتماء الوطني، ويجعل من تلك الأجزاء من الوطن الغالي، مناطق رخوة يمكن أن يتسلل منها أي صاحب فتنة أو تخريب، أو داعية إنفصال. من المهم أن تؤسس (وزارة) للتنمية، تهتم تحديدا بهذه المناطق، ويتم مراقبة أدائها بحزم وبشكل دوري.

 المحور الرابع: المهددات الإقليمية
* التمدد الإيراني وتهديد الأمن الوطني للمملكة: لقد أصبحت إيران خطراً ناجزاً، يهدد المملكة، ليس في نفوذها الخارجي..عربيا وإسلاميا، بل أيضا على المستوى الداخلي، من خلال تحريض بعض عناصر الشيعة على التمرد والانفصال.
تنطلق إيران في سياستها الخارجية التوسعية، من خلال عقيدة قومية صفوية فارسية، تستدعي أمجاد الإمبراطورية الفارسية. لكنها تغلف ذلك بغطاء ديني، هو العقيدة الشيعية، وباستغلال الشيعة العرب تحديدا.
نجح الإيرانيون في التمدد في أكثر من مكان. أبرز نجاحاتهم هو الإستيلاء على العراق، إضافة إلى إختراقات في لبنان واليمن وغرب أفريقيا. مواجهة التمدد الإيراني مسألة وجود بالنسبة للمملكة والعالم العربي بشكل عام، وليست موضوع مناكفة سياسية.
ومن المهم وضع خطة لمواجهة هذا التمدد ووقفه وتحجيمه، بوسائل سياسية وثقافية. دعم الأقليات السنية والعرقية المضطهدة في إيران، واحد من الأساليب التي تضعف التمدد الإيراني، وتجعله ينكفئ إلى همومه الداخلية.
* الحوثيون.. خطر قادم: صنعت الأوضاع في اليمن خطرا على حدود المملكة الجنوبية، إسمه: الحوثيون. المسألة الحوثية تهدد استقرار المملكة والجزيرة العربية، وهو اختراق إيراني له أبعاده على أمننا الوطني ووحدة بلادنا، واستقرار منطقة الخليج.
هو خطر محمل بأحقاد تاريخية وجغرافية ودينية. كيف يمكن مواجهة الخطر الحوثي؟ سؤال جوهري، يجب أن تكون الإجابة عليه، من خلال خطة عمل دؤوبة، يشارك فيها معنا، اليمنيون كلهم، من أعداء المشروع الحوثي، وخصوم التمدد الإيراني من القوى الوطنية اليمنية.
* نتائج الثورات العربية .. شكل العلاقة: أفرزت الثورات العربية حكومات (إسلامية) منتخبة، يمكن أن تكون صديقة للمملكة، إن أحسنا التعامل معها.
علاقة تعاون بيننا، سوف تكون في صالح الطرفين، وتقطع الطريق على إختراق إيراني محتمل. كما أن التعامل الجيد معها، سوف يدعم دور المملكة الريادي إسلاميا، وهو ما صرح به الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، حينما زار المملكة. التخويف من (فزاعة الإخوان) هدفه هدم الثقة بين الطرفين، للإستفراد بالمملكة. الناشطون الإسلاميون في المملكة، يرون شرعية الدولة والأسرة المالكة.
وما يصدر من تصريحات شاذة، لايعبر عن حقيقة أهمية وجود قناعة لدى الجميع بوجوب العمل والتنسيق المشترك. الحركة الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، تتبع سياسة براغماتية، ونجحت في إقامة علاقة تعاون قائمة على مصالح مشتركة مع الغرب والولايات المتحدة.
* نحو علاقة استراتيجية مع تركيا..لماذا؟ تركيا دولة إقليمية كبيرة ومؤثرة. لها علاقات مع الغرب، بوصفها عضو في حلف الناتو وقريبة من الإتحاد الأوروبي. إضافة إلى نموها الإقتصادي، الذي يجعلها بحاجة للنفط والغاز السعودي.
كما إن إرثها الإسلامي، الذي أصبح أكثر حضورا مع مجيء حزب (العدالة والتنمية)، يؤهلها لدور حيوي في المنطقة العربية، وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية.
وأهمية تركيا للمملكة، إضافة للأهمية الإقتصادية، تتمثل في كونها قوة توازن إقليمي ضد النفوذ الإيراني الطائفي.. الذي يتوسع بمظلة طائفية ذات طبيعة فارسية وعقيدة صفوية. التعاون الإستراتيجي مع تركيا آمن، لأنها دولة بدون مشروع طائفي، وليس لها أطماع توسعية، بل تقوم على مصالح إقتصادية في المقام الأول.
كما إنها لا تسعى لمنافسة المملكة على دورها الإسلامي، مثلما تفعل إيران. علاقة إستراتيجية مع تركيا ومصر.. وربما سوريا بعد سقوط النظام العلوي النصيري، سوف يجعل المملكة لاعبا إقليميا مهما، يعزز النمو والإستقرار في المنطقة.

المحور الخامس: المملكة في العالم
* تفعيل العمل الخيري..بعد تنظيمه وضبطه: وقف العمل الخيري وإغلاق مؤسساته، بعد أحداث سبتمبر، أساء للمملكة كثيرا، واستفادت إيران كثيرا من إنكفاء المملكة.. حينما استولت على  كثير من المؤسسات التي بناها السعوديون..شعبا وحكومة، وسخرتها لنشر التشيع الصفوي وتأليب الناس على السعودية، من خلال تشويه الإسلام باسم محاربة الوهابية. كان النشاط الخيري، أفضل وسيلة قدمت المملكة للعالم الإسلامي..بما لا تستطيعه أكبر شركة علاقات عامة، لو أنفقت مئات الملايين من الدولارات.
من الإنصاف الحديث عن وجود تجاوزات لدى بعض مؤسسات العمل الخيري، وبعض العاملين فيها، لكن هذه الأخطاء يمكن تلافيها، ليس بإغلاق المؤسسات وتدمير العمل الخيري، بل من خلال آلية ضبط مالي وتنظيمي. إعادة الإعتبار لمؤسسات العمل الخيري بعد ضبطها، سوف يسهم في توسيع نفوذ المملكة، وتحسين صورتها الذهنيىة بين مسلمي العالم.
* النشاط الإيراني في العالم الإسلامي..حصار للمملكة.. سبل المواجهة: كما تمت الإشارة إليه سابقا، الخطر الإيراني ناجز وخطير. الخطر ليس سياسي فقط، بل أيضا ثقافي وإعلامي. هناك حاجة ماسة لوضع خطط لمواجهة التمدد الإيراني، الذي كلما زاد، يزيد في حصاره للمملكة سياسيا وثقافيا.
ومن المهم الإشارة إلى أن إيران تتقدم وتتمدد، حيث تغيب المملكة وتنكفيء. وضع خطط وآليات عمل، لاستعادة دور المملكة ونشاطها، هو الخطوة الأولى لمواجهة التمدد الإيراني، وأذرعه المتمثلة بفريق من الشيعة اللبنانيين بالدرجة الأولى.
 * صورة المملكة في العالم: فكرة لعمل تطوعي (جنود الرحمة). يجب ألا تقف جهود المملكة في تقديم نفسها للعالم، على المسلمين والعالم الإسلامي فقط، بل أن يمتد ليشمل العالم كله، كما حصل في عمليات فصل التوائم السياميين، التي صنعت صورة ذهنية إيجابية للمملكة. هناك فكرة لتكوين فريق إغاثي سعودي، يسهم في مساعدة شعوب الأرض في أوقات الكوارث.
ومن شأن هذا الأمر لو تم، أن يسهم بتقديم وجه إنساني للمملكة، ويكون نواة لفريق غوث يعمل بمهنية واحترافية.
* صورة المملكة في العالم: واقع السفارات، وسبل تطويرها: سفارة أي بلد في العالم، هي العتبة الأولى للدخول للبلد. نوع الإستقبال والتعامل الذي يلقاه مواطن أي بلد، في سفارة البلد الذي ينوي زيارته.. هو الإنطباع الاول الذي يتشكل في ذهنه عن البلد وأهله.. سيئا كان أو حسنا.
واقع السفارات السعودية في العالم..للأسف، سيء جدا. تعامل رديء، وسوء استقبال للناس. أثار التعامل السيء تتضاعف، إذا علمنا أن الراغبين في الزيارة، هم من الحجاج والمعتمرين، الذين يرون لهم حقا طبيعيا في بيت الله، ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم. هناك حاجة ماسة لتغيير هذه المعاملة.. حتى لا نخسر المسلمين لصالح خصومنا، إذا علمنا كيف يعامل المسلم الراغب في زيارة ما يسمى (المراقد المقدسة) في إيران..بكرامة وتقدير وحفاوة، في السفارات الإيرانية..!
* المنح الطلابية الجامعية للطلاب الأجانب: آلية علاقات عامة:
لدينا تجربة جيدة في استقطاب الطلاب المسلمين، في (الجامعة الإسلامية) في المدينة المنورة. هذه التجربة كانت لها أثار إيجابية في تخريج طلاب كانوا خير سفراء للمملكة في بلدانهم ومجتمعاتهم، تم للأسف تقليصها كثيرا، وصار العدد القليل الذي يقبل من الطلاب، يعامل بالمن والأذى. بالمقابل.. وظفت إيران هذا الأمر، توظيفا سياسيا هائلا، باستقبالها عشرات الألوف من الطلاب العرب والمسلمين في جامعاتها، حتى تحولوا للأسف إلى (أبواق) لها ولسياساتها.. وضد المملكة تحديدا في كل صعيد.
نحن بأمس الحاجة لإعادة تفعيل هذه العملية، وعدم اقتصارها على طلاب مسلمين فقط. تعتبر هذه الطريقة من أنجع الوسائل في كسب القلوب والعقول، وصناعة الولاء.
كما إنها أسلوب علاقات عامة فعال. إضافة لذلك، هي وسيلة  تلاقح  ثقافي تعزز التسامح وسعة الأفق، وتخفف من إنغلاق مجتمعنا وتقوقعه على أحادية ثقافية. من شأنها أيضا، أن تثري جامعاتنا الحكومية والأهلية بقدرات علمية وعقلية متنوعة، وهي أيضا وسيلة لدعم اقتصاديات جامعاتنا الأهلية، بتمويل الدولة لهذه البعثات.
لذا أرى أن توضع سياسة لاستقطاب طلاب جامعيين من مختلف أنحاء العالم، مع التركيز على المجتمعات المسلمة المحتاجة، في جامعاتنا الوطنية، الأهلية والحكومية.

بقلم: د. محمد الحضيف / كاتب وباحث سعودي

الجمعة، 21 سبتمبر 2012

خادم الحرمين الشريفين .. حارس الوطن وقائد التنمية وملك التواضع

تلازم ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية ما دأب عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بالمحافظة على وحدة الوطن وحراسة وسلامة أرضه وتلاحم أمته ، إذ ظل هاجسه وحديثه الذي بات يردده في كثير من المناسبات الوطنية.
قاد خادم الحرمين الشريفين مسيرة التطوير والتنمية في المملكة باقتدار ، صاحب ذلك تواضع الكبار ، ورفق ولين أبرزت أهم سماته الشخصية - أيده الله -.
وهذا الشعور هو أهم ما استوعبه من أبيه الملك الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - فقد انتقل الملك عبد العزيز إلى جوار ربه وهو يوصي أبناءه بالمحافظة على وحدة الوطن.
اختزن خادم الحرمين الشريفين هذا الموقف في ذاكرته وحفظه قلبه، ووعاه عقله ، ورواه عندما حانت مناسبة لاستحضاره، فقال : (التاريخ إذا كان منصفا سيتذكر أن ذلك الرجل (الملك عبدالعزيز) صنع شيئا مهما في التاريخ العربي، إنني أستذكر أنه عندما كان يروي لنا قصص توحيد أجزاء المملكة، فإنه كان يحدثنا عنها ونحن على موائد الخير التي تدفقت بفعل الاستقرار، لقد حارب الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ومعه رفاقه ببطون معصوبة بالحجر حتى لا يشعر هو وجنوده بالجوع، لكنها عزيمة الرجال.
حزم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمره لدعم مسيرة التنمية المادية والبشرية في المملكة بكل اقتدار وإصرار يسير مع ذلك مواصفاته الشخصية التي تحلى بها أبرزها التواضع والقوة في الحق.
عندما كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على فراش المرض وقبل أن يفارق الحياة كان هاجسه وحدة المملكة وأمنها، مع أن الظروف في ذلك الوقت ليست نفس الظروف الحالية، حيث الصراع يأخذ شكلاً شرساً مليئا بالأحقاد والضغائن، في ذلك الوقت انتقل الملك عبدالعزيز إلى رحمة الله.
وربما لكل تلك الأسباب والظروف مجتمعة أصبح الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - يجمعه بوالده الملك عبدالعزيز شبه في شكله ومظهره، واقتداء به في دينه وعمله وخلقه، وعلى هذه التقوى ومخافة الله في كل شيء , نشأ الملك عبد الله عابداً لربه، مخلصاً لدينه، باراً بوالديه، محباً لوطنه وشعبه وأهله، رباه والده الملك عبدالعزيز على قيم الدين الحنيف، وعقيدة السلف النقية، وخصال الخلق الحميد، فتعلم من أبيه أن (الملك) تكليف لا تشريف، ورسالة عظيمة، ومسؤولية يُسأل عنها أمام الله، ويحملها أمانة في عنقه إلى يوم يلقى ربه.
وكان الملك عبدالعزيز يؤكد على أبنائه معايشة هذه القيم وتطبيقها في حياتهم اليومية، ويردد عليهم في مجالسه فرادى وجماعات قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ .
أدرك خادم الحرمين الشريفين منذ باكر شبابه أن العدل أساس الملك، وأن العدل دليل مكارم الأخلاق، وأول هذه المكارم التواضع، والتواضع يجلب محبة الناس، ومحبة الناس من محبة الله للعبد، وإذا أحب الناس ولي أمرهم أعانوه على إقامة العدل وشاركوه المسؤولية، فكانوا لمروءته أوفياء، وعلى عهده أمناء، يدينون له بالولاء في حضوره وغيابه.
عبّر خادم الحرمين الشريفين عن هذه المعاني بإيجاز بليغ في خطابه التاريخي للأمة بمناسبة توليه العرش، فقال (أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سَنّة مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - واتبعه من بعده أبناؤه الكرام رحمهم الله).
هذه العبارة وحدها تكفي للتدليل على ما يختزنه الملك عبدالله في ذاكرته من تاريخ لقيم ورثها عن أبيه وظل يعمل بها ومن أجلها طوال مراحل مسؤوليات حياته حتى توليه الملك، وعندما يصبح ملكاً يعبر عن وعيه بثقل المسؤولية وعظمتها فيعاهد الله ثم شعبه على إقامة شرع الله (أعاهد الله ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق، وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة). ثم يبرز تواضعه، ذلك التواضع العظيم الذي عاش به منذ كان في مدرسة والده الملك عبدالعزيز، إذ يقول مخاطباً الشعب (أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة، وألا تبخلوا عليّ بالنصح والدعاء).
كان خادم الحرمين الشريفين يملك فلسفة الوفاء والإيثار في آن واحد ففي في يوم الأحد 21 شعبان 1402هـ الموافق 13 يونيو 1982م توفي الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - وبايع الشعب الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - ملكاً للمملكة العربية السعودية والأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولياً للعهد ( آن ذاك ) وعين في اليوم نفسه نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره في رئاسة الحرس الوطني ، وعلى مدى ما يقرب من ربع قرن كان عبدالله بن عبدالعزيز يشارك أخاه فهد بن عبدالعزيز ويؤازره ويعضده بنكران ذات وإخلاص منقطع النظير في بناء النهضة الحضارية الشاملة التي شهدتها كل مرافق الحياة في المملكة ودفعه وفاؤه العظيم لوطنه أن ينشئ العديد من المؤسسات الإسلامية والثقافية والاجتماعية ودعم المرافق التعليمية.
ومادام خيار هذا الوطن هو الإسلام، والإسلام مصدر وطنية كل مواطن فإن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لا يتوانى في الحديث في أدق الأمور التي تخص مواطنة المواطن نصحاً وتحذيراً ولفتاً للنظر في ما يمكن أن يغيب عنه، فيقول المليك بحميمية صريحة شارحاً المنهج الإصلاحي الإسلامي الذي تسير عليه الدولة: إن الدولة ماضية بعون الله في نهجها الإصلاحي المدروس المتدرج، ولن تسمح لأحد بأن يقف في وجه الإصلاح سواء بالدعوة إلى الجمود والركود أو الدعوة إلى القفز في الظلام والمغامرة الطائشة، وإن الدولة تدعو كل المواطنين الصالحين إلى أن يعملوا معها يدا بيد وفي كل ميدان لتحقيق الإصلاح المنشود، إلا أن الدولة لن تفتح المجال أمام من يريد بحجة الإصلاح أن يهدد وحدة الوطن أو يعكر السلام بين أبنائه.
ويضيف - أيده الله - قائلا : إنني أطلب من كل مواطن يود بحث الشؤون العامة أن يتحلى بالحكمة والاتزان وأن يتجنب ركوب الموجة وشهوة الظهور. إننا لا نود التعرض لحرية الرأي المسؤولة الواعية ولكننا في الوقت نفسه لن نترك سلامة الوطن ومستقبل أبنائه تحت رحمة المزايدين الذين يبدؤون بالاستفزاز وينتهون بالمطالب التعسفية).
لقد كان عبدالله بن عبدالعزيز أميراً وملكاً منفتحاً على الناس جميعاً، لا يرد من بابه أحدا، يناقش الصغير بنفس مستوى احترامه للكبير، له عزيمة الشباب ومضائه وله حنكة الشيوخ وحكمتها، فالمجالس المفتوحة سُنَّة، سنها الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الوطن الأكبر، وعض عليها بالنواجذ من بعده أبناؤه ملوكا وأمراء، فلا عجب أن يكون عبدالله بن عبدالعزيز في طليعة المتمسكين بهذه السنَّة والداعين إليها والحريصين عليها.
ويفاخر الوطن بخادم الحرمين الشريفين لامتلاكه قوة في الإيمان والحق وبعقيدة المؤمن الراسخ الإيمان يتحدث حيث يتطرق فكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى فلسفة العلاقة بين (حق القوة) و(قوة الحق) فيقول في إيجاز بليغ حكيم: (قوة الحق قوة سرمدية، وحق القوة حق ظرفي، إن تبدَّى اليوم فهو مندثر حتماً). والقوة في نظر الملك عبدالله بن عبدالعزيز (قوة الإيمان) وهي القوة التي لا تغلب، وهي القوة التي يفاخر بها عندما يستعرض الأقوياء قوتهم دون أن يخاف على قوته من الهزيمة أو الانكسار؛ لأنها قوة الله التي منحته الثقة بالنفس. (إنني هنا لا أتحدث من مركز ضعف، بل من مركز قوة، قوة المؤمن بالله، والواثق من المستقبل).
ومثلما منحه الإيمان الثقة بالنفس والشعور والقوة منحه أيضا التفاؤل، فلم يكن عبدالله بن عبدالعزيز متشائما أبدا حتى في أحلك اللحظات سوادا، بل كان دائما يدعو إلى التفاؤل، لأن التفاؤل من صفات المؤمن الحق، وهو الذي يستذكر في كل موقف قول نبيه صلى الله عليه وسلم (أمر المؤمن كله خير فإن أصابه خير شكر... وإن أصابه شر صبر....) فلا عجب أن ينعكس هذا الإيمان الوطيد بالله في شعوره الدائم بالتفاؤل إذ يقول : إنني لا أتشاءم، فالمؤمن لا يتشاءم، ولذلك فإنني وطيد الثقة من أن هذه الغيوم ستختفي من سمائنا، فيد الله - عزَّ وجلَّ - ستعيد الشارد إلى الجادة مهما تعثر أو ضل، وإن إرادة الحياة وقوة الإيمان فينا لن تجعل من حاضرنا مدفنا لأمجاد ماضينا.
وهو يعرف أنه لن يتأتى الانتصار في معركة التحدي التي تواجهها أمته إلا بذلك الشعور بالمسؤولية على مستوى الأمة، المسؤولية أمام الله؛ لهذا نجده بعد أن يحدد المسؤولية، ويشخص الداء، يشير إلى الدواء: (إننا عربا ومسلمين.. مسؤولون كل المسؤولية أمام الله.. ثم أمام الأمة والتاريخ.. عما نشهده من عدوان على الحق.. واستهانة بالحقيقة.. واغتصاب للحقوق.. وإن السبب في ذلك.. يعود بشكل أساسي إلى هدر قوانا في معارك جانبية.. وخلافات هامشية.. وانشغال بعضنا ببعض في لحظات الحسم.. مما يعطي الفرصة لأعدائنا.. وللقوى الكبرى.. لتحقيق مصالحها ومخططاتها على حساب مصيرنا.
ويزيد خادم الحرمين الشريفين بالقول : إنني أدعو اليوم.. كافة أبناء هذه الأمة شعوبا وقادة.. لتوحيد الصف والجهد.. وتكريس الإمكانيات لتحقيق الخلاص.. ولنعلم أن التاريخ لا يرحم.. والأجيال لا تعذر.. وإننا جميعا ذاهبون.. فلكل أجل كتاب.. ولكل عمل كريم ثواب.. ولكل نبأ مستقر).
ولا يزال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - يدعو إليها على مدى مراحل حياته المثمرة بالعمل والوفاء والمروءة ونكران الذات مواطنا وأميراً ورئيساً للحرس الوطني ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، وولياً للعهد حتى أصبح ملكاً وخادماً للحرمين الشريفين في يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة 1426هـ الموافق الأول من أغسطس 2005م.