الدنيا والزمان والدهر والأيام تكاد تكون في الشعر على وجه واحد وهو الوقت طال أو قصر
وقد وردت في الشعر كثيراً و تفنن الشعراء في ذكرها إلا أن الغالب فيها الشكوى والتوجع أو التحذير منها والتوجس
وكلمة زمان اسم لقليل الوقت وكثيرة وجمعه أزمان و أزمن وهو يدل على وقت من الوقت
وكنت امرأ زمناً بالعراق … عفيف المناخ طويل التغن
والدهر جمعه دهور يعني الغلبة و القهر لأنه يأتي على كل شيء ويغلبه وهو الأمد الممدود والزمن الطويل وقيل أنه الألف سنه
وسلبتنا ما لست تعقبنا … يا دهر ما أنصفت في الحكم
وما سميت الدنيا بهذا إلا لدنوها ودنيا الأنسان حياته
أبدأ في الحكمة التي تقول
إذا اخصب الزمان جاء الغاوي والهاوي
الغاوي هو الجراد و الهاوي الذئب
ويقال
من أمن الزمان خانه , ومن تعظم عليه أهانه
ومن الشعر قولهم
ومن يصحب الدنيا يكن مثل قابض … على الماء خانته فروج الأصابع
ويقول علي ابن أبي طالب
تحرز من الدنيا فإن فناءها … محل فناء لا محل بقاء
فصفوتها ممزوجة بكدورة … وراحتها مقــرونة بعناء
وللمتنبي
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن … يخلو من الهم أخلاهم من الفطن
وله أيضا
ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت … على عينه حتى يرى صدقها كذا
وله أيضا
ومن تفكر في الدنيا ومهجته … أقامه الفكر بين العجز والتعب
وقال أبي فراس الحمداني
الدهر يومان ذا ثبت وذا زلل … والعيش طعمان ذا صب وذا عسل
كذا الزمان فما في نعمة بطر … للعارفين ولا في نقمة ٍ فشل
ولحسان بن ثابت
كل عيش ونعيم زائل … وبنات الدهر يلعبن بكل
ويقول جميل بثينة
ونغص دهر الشيب عيشي
ولم يكن … ينغصه إذ كنت والرأس أسود
ولم يكن … ينغصه إذ كنت والرأس أسود
نخص زمان الشيب بالذم وحده … وأي زمان يـــــــــا يثينة يحمد
والشافعي يقول
كن سائرا في ذا الزمان بسيره … وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله … واحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبا … أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره … وتركت أعلاهم لقلة خيره
ولأبي فراس الحمداني
لن للــــزمان وإن صعب … إذا تباعد فاقتـــــــــــــــرب
لا تكذبن من غالــــب الـ … أيام كان لها الغلــــــب
وحاتم الطائي يقول في الدهر
كسينا صروف الدهر لينا وغلظة … وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر
ولابن الرومي
إنما هــــــذه الحياة غرور … وشقاء للمعشر الأشقيـــــاء
نحن فيها ركب نؤم بلادا … فكأن قد ألنا إلــــــى الانتهاء
وله أيضا
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت … له عن عدو في ثياب صديق
وله في الدهر
رأيت الدهر يرفع كل وغد … ويخفض كل ذي شيم شريفة
كمثل البحر يغرق فيه حي … ولا ينفعك تطفو فيه جيفه
ويقول الأرجاني
لا تكثرن من الزمان تعجبا … ليس العجيب من الزمان عجيب
ولعلي ابن أبي طالب
إنما الــدنيا فـــنـــاء … لــيــس للــدنــيــا ثبوت
إنما الدنيا كبــــــــيت … نسجتـــــــــه العنكبوت
ولقد يكفيك منهـــــا … أيهـــا العاقــل قوت
ويقول آخر
فيوم علينا ويوم لنا … ويوم نساء ويوم نسر
ويقول
دقات قلب المرء قئلة له … إن الحياة دقائق وثوان
ولمحمد الوطواط
وتروح لنا الدنيا بغير الذي غدت … وتحدث من بعد الامور أمور
وتجري الليالي باجتماع وفرقة … وتطلع فيها أنجم وتغـــور
فمن ظن أن الدهر باق سروره … فقد ظن عجزا لا يدوم سرور
وللمتنبي
ومن لم يعشق الدنيا قديما .؟ … ولكن لا سبيل إلى الوصال
وما سمحت لنا الدنيا بشيء … سوى تعليل نفس بالمحال
وقال أبو الحسن التهامي
فالدهر يخدع بالمنى ويغص إن … هنا ويهدم ما بنى ببوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما … خلق الزمان عداوة الأحرار
ولآخر
كل من في الكون يشكو دهره … ليت شعري هذه الدنيا لمن
وأبو العلاء المعري يقول
فيا موت زر إن الحياة ذميمة … و يا نفس جدي إن دهرك هازل
ولطرفة بن العبد
أرى العيش كنزا ناقصا كل ليلة … وما تنقص الأيام والدهر ينفد
ويقول أحمد شوقي
هكذا الدهر حالة ثم ضد … ما لحال مع الزمان بقاء
وللمتنبي
أريد من زمني ذا أن يبلغني … ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
لا تلق دهرك إلا غير مكترث .. ما دام يصحب في روحك البدن
فما يديم سرور ما سررت به … ولا يرد عليك الفائت الحزن
ويقول آخر
أيامنا لم تزل بالوهم تخدعنا …. قبر مـــن الخوف يطوينا فنحتمل
لا تسأليني لماذا الحزن ضيعنا ؟ … ولتسألي الحزن هل ضاقت به السبل؟
ما زال للحب بيت في ضمائرنا …. مــــا اجمل النار تخبو ثم تشتعل
ولأبي فراس الحمداني
تطول بك الأيام وهي قصيرة … وفي كل دهر لا يسرك طول
وللمتنبي أيضا
إذا ما الدهر جر على اناس … نــوائبه أنــاخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا افيقوا … سيلقى الشامتون كما لقينا
والبستي يقول
زيادة المرء في دنياه نقصان …. وربحه غير محض الخير خسران
يا عامرا لخراب الدار مجتهداً … بالله هل لخراب الدهر عمران ؟
ويقول آخر
لا تحسبن سرورا دائما أبدا …. من سرره زمن سائته أزمان
وللمتنبي قوله
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا … وعناهم مــن شأنه ما عنانا
وتولوا بغصةٍ كلهم منه … وإن سر بعضهم أحيانا
ويقول
من لم تفده صروف الدهر تجربة … في ما يحاول فل يرعى مع الهمل
وللمتنبي
كذا قضت الأيام ما بين أهلها … مصائب قوم عند قوم فوائد
وله أيضا
إذا ما لبست الدهر مستمتعا به … تحرقت والملبوس لم يتحرق
ويقول طرفة
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ومن الشعر الشعبي
الأيام حبلى والامور عوان … فهل ترى ما لا يكون وكان
لاتامن الدني ا ولو زان وجه … ترى رميها للعامين حفان
ويقول القاضي من الشعبي
اجل عنك ما الدنيا بيلحق لها تالي … غرور” ن” ترد الحزب الأول على التالي
قبوله دبور لو لحي “ن” تزخرفت … فهو مثل حلم الليل يصبح وهو خالي
لو دامت الدنيا نعيمه لغيرك … فلا يتصل لك به ولا ربع مثقالي
لا تكره ان شفت الليالي تغيرت … ولا تفرح إن شفت السعاده و الإقبالي
ومن أشهر ما قيل في هذا الباب
نعيب الزمان والعيب فينا … وما للزمان عيب سوانا
ونجهوا ذالزمان بغير ذنب … ولو نطق الزمان لنا هجانا
فدنيانا التصنع والترائي … ونحن نخدع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب … ويأكل بعضنا بعضا عيانا
لبسنا للخداع مسوك ظأن … فويل للمغير إذا أتانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق