الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

الورقة البيضاء .. والنقطة السوداء



 حياتنا الجميلة كالورقة البيضاء , مشرقة بلونها صافية بشكلها متألقة بزهوها , تسر الناظرين وتفرح المتأملين وتبهج المتبصرين وتلفت أعين السائحين
 ولكي نعيش الحياة الدنيا علينا أن نفهم معادلتها التي وضعها رب الخليقة حينما أراد أن يخلق الإنسانية , فالحياة قائمة على تقلب الأحوال والأوضاع وعدم استقرارها , فعليك أن تتعلم أن تتذوق أكثر من طعم وتعيش على أكثر من وضعية ولست وحدك كذلك فهنالك البشر كلهم , فمنهم من أبتلي ومنهم من ينتظر .. ومنهم من صبر ومنهم من يتذمر .. ومنهم شكر ومنهم استكبر .
 والنتائج لا شك مختلفة والطرق متفرقة ولكي نعيش لذة الجنة الجميلة في دنيانا العابرة وآخرتنا العامرة , أراد الله أن تكون أحد مراحل حياتنا الثلاث هي الدار الدنيا والتي نكافح فيها ونجاهد , ونتجاوز الصعاب والمعضلات ونلتفت هنا وهناك بحثاً عن مخرج لكي ننجح ونرتقي ونحصل على المراد وغاية المنى وجميل الأحلام والطموحات والرغبات بأذن الله
 ففي الدنيا أنت لا تأخذ كلما تشاء وأي ما تشاء ومتى تشاء , بل عليك المحاولة وتكرار المحاولة , تفشل لكي تنجح , وتتعلم من فشلك لكي تكون أكثر نجاحاً في المستقبل ونذكر ولا نحصر أننا نأخذ شيئين من ثلاث على الأغلب في مسيرة حياتنا .
 فلن يجتمع لك الصحة والمال والفراغ في مرحلة واحدة على الأغلب
 ففي بدايتها يكون لك الصحة والفراغ ولا يكون لك المال .. في أوسطها يكون لك المال والصحة وينزع منك الفراغ .. وفي آخرها يكون لك الفراغ والمال وتنزع منك الصحة !!
 هي الحياة هكذا وهو جزء من تكوينها الذي يجب أن نفهمه ونتفهمه ونتعايش معه وعلى أساسه .
 فلا نعضب من التحديات ولا نيأس أمام الصعوبات ولا نهرب من المشكلات ولا نقلل من النجاحات ولا نكون أسرى الماضي الذي دوماً يسرقنا من واجب التفكير والتدبير والتحضير للمستقبل .
 أن طريقة تفكيرنا هي التي تسعدنا وتشقينا , تبهجنا وتحزننا , تصنع لنا التحدي أوتجعلنا نرفع الراية البيضاء مستسلمين لصروف الحياة وتقلبات الزمن
 علينا أن ندخل جنة التفكير الإيجابي من اليوم ونهجر التفكير السلبي المتشائم المبالغ بالحذر والخوف والارتباك والتردد
 علينا أن نستبدل الضعف بالقوة والإدبار بالإقدام والشك باليقين والكره بالحب والغضب بالحلم والشدة باللين والعنف بالسماحة والألم بالأمل .
 كيف نتعلم التفكير الإيجابي ؟
 * آمن أن الله عدل في قسمته وهو باسط ذراعيه بالرزق والعطاء وعنده كنوز كل شيء ولكن افعل السبب فلا يظلم أحد من خلقة ولا يحرم ولا يهضم حقاً , ولكنهم هم من يظلمون انفسهم بسوء التصرف وضعف التخطيط وسوء التنفيذ والمكابرة عن الحق والتخاذل والتسويف والكسل والاستهتار وعدم الاستفادة من الأخطاء وضعف الهمة والطموح والاستسلام لتحديات الحياة .
 * تخلص من الحساسية التي تضعف تفكيرك وتربك تعبيرك وتجعلك ضعيفاً متوارياً عن الأنظار وكن قوياً حين الشدائد صابر حين الكرب متجلداً حال الأزمات واعلم أنك سوف تخرج منها أقوى مما كنت بفضل الله فالضربة التي لا تكسر الظهر تقويه .
 * استنشق الهواء النقي المنعش في الصباح الباكر مع اشراقة كل صباح وقل في نفسك اليوم افضل من الغد وأنا الآن أقرب من تحقيق أحلامي من ذي قبل وكن متفائلاً على الدوام , وأقبل على يومك بحماس وتوقد وأحتفل بالإنجازات التي حققتها في ذلك اليوم حتى لو كانت بسيطة ولكنها جزء من كل ونقطة في بحر وزهرة في بستان انجازات حياتك .
 * التفاؤل لا يعني أن لا تكون حذراً عند اللزوم ولا تبالغ في الحذر وأعلم أن أكثر من 80 % من هواجس الشر والخطر التي ترد عليك لا تقع إطلاقاً وهي مجرد تخيلات فكن متوازناً بين الإقدام والإحجام وبين المبادرة وبين دراسة تبعاتها
 * عاشر الناجحين والمتفائلين والمتقدمين والمبادرين والمبدعين في الحياة وسوف تكتسب منهم الشيء الكثير وابتعد عن أعداء النجاح والمثبطين والانهزاميين والمتخاذلين والخامدين فهم شر وعدوى احذر منهم وابتعد عنهم
 * تذكر أثر التفكير الايجابي على صحتك وعلى نفسيتك وطول عمرك وعلى حياتك وسوف تجد تدعيماً كبيراً في هذا الباب وعلى العكس تذكر أن الكثير من الأمراض والأعراض والكروب والنكبات جاءت من النفس المتشائمة والخامدة والمنغلقة على ذاتها فهي في عذاب دائم وظلام دامس .
 * اقرأ قصص العظام والكرام وأهل النجاح والعبقريات والإنجازات والمعجزات وانظر كيف قهروا الصعاب وقفزوا فوق الظروف وكيف خرجوا من رحم المعاناة والفقر واليتم وصنعوا واقعهم الذهبي ولم يكونوا ردة فعل بل كانوا الفعل ذاته فالحياة إرادة ومبادرة وجهاد .
 * لا تمكن الشيطان منك فهو يريد منك ألاّ تعمل ولا تتقدم ولا تبدع و لا تتمتع بعلاقة دافئة مع من حولك وأن تكون سجين الوهم والهم والغم والخرافة والصراع والفقر والضعف والمسكنة , فلا تمكنه من حياتك واطرد وساوسه بالذكر والاستغفار وذكر الله والتمسك بحبلة وأرفع شعار " حياتي تحدي "
قال تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم ) البقرة:268
 * لا تكن سهل الانكسار سريع الاستسلام ضعيف الشكيمة مهزوز الوجدان مستمتع بالمعاناة وتمتع بالأعصاب الفولاذية التي تجعلك قادراً على تلقي الصدمات بقوة وايمان , واعلم أن ما اصابك لم يكن ليخطأك والعكس
 وتمتع بالرضى بعد أن تعمل كل ما بوسعك لتغير الحال وتلافي الإشكال , وثق بأن مع العسر يسراً وأن النصر مع الصبر ولا تنسى أن خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب .
 * حذاري من الوقوع في فخ التفكير السلبي فهو مرض خطير , يجعلك تركز على العثرات والأخطاء والمشكلات والصعوبات وإن كانت قليلة ويجعلك تتخاذل عن العمل والإقدام وتهمل سيل جارف من النجاحات والفرص والخيرات والخيارات أمامك فأنت بكل أسف أغفلت الورقة البيضاء الكبيرة وتهت في نقاط سوداء صغيرة عليها , فتجاهلت كل ذلك البياض ومن ثم أصبحت أسير ذرات تافهه من السواد لا وزن لها ولا قيمة إلا أن تستفيد منها كأخطاء لكي لا تعود إليها .
" قاعدة التركيز الذهبية " "ما تركز عليه سوف تحصل عليه " من المسلمات الحياتية قاعدة
 فإن كنت ايجابيا فإنك سوف تنظر إلى الجزء المليء من الكأس وتعمل بتلك الروح المتألقة , وإن كنت سلبياً سوف تنظر إلى الجزء الفارغ وتنتظر النهاية المؤلمة التي تتوقعها دائماً وهي غير موجودة إلا في عقلك
" محبرة الحكيم " البعض منا يصر على لبس نظارة سواء دائماً , حتى عندما يطل علينا القمر زاهياً بتمام بدره
" التفكير الايجابي في سيرة القائد القدوة عليه الصلاة والسلام "تبع سراقة بني مالك رضي الله عنه رسول الله صلى قبل أن يسلم رسول الله وصاحبه رضي الله عنه حينما خرجا من مكة قاصدين المدينة راغباً في مكافأة تقدر بمائة ناقة رصدها قريش لمن يقبض على محمد , وفعلاً أوصل الله سراقة الى الرسول وهم بأن يتم ما جاء به ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في أحلك الظروف وأصعب اللحظات المصيرية يقول لسراقة عد ولك سواري كسرى فيذهل سراقة و لا يصدق كيف يعدني بذلك وهو في هذه الظروف وكيف يعيش هذه الحالة من اليقين !!
 وفعلاً عاد ولم يظفر به , وفتحت بلاد فارس في عهد عمر رضي الله عنه
 وأخذ سراقة سوراي كسرى كما وعد رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام وفهم الجميع درس أهمية التفاؤل في أحلك الظروف من مدرسة المعلم الأول عليه الصلاة والسلام
" تأصيل "  وفي هذا الحديث معناً عظيم للتفاؤل والإستبشار بالخيرات واليقين بما عند الله والعكس بكل أسف للمتشائمين والقانطين
 عن واثلة ـ رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق